في ظل اضطرار معظم ربات البيوت إلى الخروج لسوق العمل وانشغالهن بالدوام وجدت بعضهن ضالتها في الخادمة التي تولت شؤون المنزل بما في ذلك إعداد الأطعمة التي غالباً لا تخضع لرقابة الأسرة. ومؤخراً حذر جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية من الاعتماد على خدم المنازل في إعداد الوجبات الغذائية لعدم الوعي، واحتمالات تعرض أسر لحالات تسمم. ولخطورة الأمر ناشد الجهاز ربات البيوت بضرورة الرقابة الدائمة على عملية إعداد الأطعمة بين جدران المنزل.
تقول نبيهة خالد، ربة منزل، إنها لا تثق أبداً بطبخ الخادمات، وتعتمد في إعداد الطعام على نفسها دون الاستعانة بالخادمة، وترى أن طبخ الطعام يعتبر بالنسبة لها من أدق الأساسيات التي لايمكن فيها الاعتماد على اي فرد عدا ربة المنزل، وهذا يعود بالتأكيد لعدم ثقتها بالخادمة.
وتضيف أنها لاتثق حتى بالأطعمة التي يتناولها أولادها خارج المنزل ولو كان الأمر بيدها لمنعتهم من تناول الأطعمة خارجاً حيث تخشى عليهم من الأطعمة الخارجية.
أما عابدة جمال، ربة منزل، فلها وجهة نظر مختلفة، إذ ترى أن الاعتماد على الخادمة في الطبخ ممكن، وهذا يعود في رأيها لجنسية الخادمة فلديها جنسيات معينة للخادمات تعتبر طبخهن ثقة من حيث النظافة، لكنها لا تنكر بأن إعداد الطعام من قبل الأم أفضل من الخادمة، لكن ظروف الحياة وعمل المرأة أجبرها على الاعتماد على الخادمة في هذه المهمة.
خالد محمد العبيدلي، رب أسرة، يشير إلى أن المجتمع الإماراتي لديه وجهة نظر قد تكون مختلفة عن غيره في الاعتماد على الخادمة في إعداد الطعام رغم أن الاعتماد على الخادمة في المنزل بشكل عام جاء نتيجة المتغيرات العصرية التي نعيشها اليوم، إذ يرى أن مهمة الخادمة في البيوت الإماراتية لا تتجاوز التنظيف وترتيب المنزل، وإعداد الطعام لا يمكن تدخل الخادمة فيه فلا تقرب أي شيء يتعلق بالمطبخ. وقال: تعودنا منذ نشأتنا أن نتناول الطعام من أيدي أمهاتنا وأخواتنا وبقى هذا الأمر سائداً إلى اليوم، ولا يتقبل الرجل لدينا أي طعام تعده وتقدمه الخادمة فهو ينظر للأمر من ناحية النظافة وهي فرد غريب عن العائلة.
أما أميرة إبراهيم، ربة منزل، فترى أنه لاضير من الاعتماد على الخادمة في مسائل الطبخ البسيطة والتي يمكن السيطرة على نظافتها وهذا الأمر يستدعي الرقابة الدائمة لنظافة الخادمة بشكل أساسي، وبالاخص في الفترة الأولى من جلب الخادمة للبيت.
وتضيف: من الأفضل أن تقوم ربة المنزل بذاتها في اعداد الطعام لأن هذا يجنبها المخاطر التي قد تؤثر على صحة الاسرة وبالأخص صحة الاطفال، وأن تتكفل الخادمة بالأعمال المنزلية الأخرى بالإضافة إلى شؤون الأطفال والعناية بهم.
أم محمد ترى أن ظروف عمل المرأة في عصرنا الحالي وتعدد المسؤوليات جعلها مضطرة للاستعانة بالخادمة في جميع شؤون المنزل بدءاً من عملية التنظيم والتنظيف المنزلي إلى إعداد الطعام، وأن الاعتماد على الخادمة في الطبخ بات أمراً لا بد منه لتسيير أمور الحياة والأسرة، لكن رغم ذلك تشرف على عمل الخادمة فيما يخص اعداد الطعام. وتقول: المرحلة الأولى لجلب الخادمة هي الأصعب وتستدعي من ربة المنزل المتابعة الدقيقة والتوجيهات المستمرة للخادمة، لتعويدها على نظام معين يكون من أساسياته النظافة، وأن تقوم بمراقبة نظافة الخادمة بتعقيم اليدين قبل عملية اعداد الطعام وتقليم ونظافة الأظافر وتغطية الشعر حتى لو كانت الرقابة بشكل غير مباشر، وترى أم محمد أن من أهم الامور التي يجب الحرص عليها حسن التعامل مع الخادمة.
عصمت إبراهيم، ربة منزل، تقوم بعملية رقابة دائمة ومستمرة على الخادمة أثناء اعداد الطعام، على الرغم من أنها لا تعتمد عليها في عملية الطبخ بشكل أساسي إلا أنها تسند اليها بعض المهام المتعلقة بالأطعمة البسيطة، وتعزو سبب عدم اعتمادها على الخادمة أن الخادمات لا يمكنهن أن يطبخن بطريقتنا ويرضين أذواقنا، هذا ناهيك عن النظافة والتنظيم، إلا أنها ترى أن من الممكن الوثوق بالخادمة بعد مرور فترة زمنية تثبت خلالها أنها أهل لهذه الثقة.
أم عبد الله، ربة منزل وأم لأطفال، ترى أن العناية بمأكل الأطفال وملبسهم ونظافتهم الشخصية لا يمكن أن يسند للخادمة، مشيرة إلى أنها ضد فكرة الاعتماد على الخادمة في رعاية الأطفال، وترى أن الكثير من الخادمات ليس لديهن الوعي الكافي الذي يمكن للأم الاعتماد عليهن في رعاية شؤون الطفل كما لا يمكنها الاعتماد على الخادمة في اعداد الطعام لأطفالها.
يقول الدكتور سمير سامي أخصائي التغذية العلاجية وعلاج السمنة وعضو مجموعة الامارات للتغذية، أن اعتماد الاسر على الخادمة يتفاوت فمنهم من يعتمد عليها فى كل شيء بدءاً من المطبخ وتجهيز الاكلات واعداد الوجبات الخفيفة والطهي وتذوق نسبة الملح في الطعام حتى تقديمه على المائدة، وهناك بعض الاسر التي تحدد عمل الخادمة بالأعمال المنزلية الأخرى بعيداً عن الطبخ، حيث تتولى ربة البيت إعداد الطعام، إلا أن هناك ربات بيوت ليس لديهن الوقت الكافي للقيام بعملية الطبخ، لهذا يعتمدن على الخادمة، هذا الأمر يستدعي من الأسرة بعضاً من التوجيهات الخاصة للخادمة بخلاف الإشراف والرقابة التامة على الخادمة خصوصاً في الفترة الأولى من استقدامها مع التركيز على كل ما يخص النظافة بدءاً من النظافة الشخصية للخادمة أي الإشراف على الأظافر والشعر وغسل اليدين لأن هذه العناصر ضرورية جداً لضمان سلامة الأسرة، ناهيك عن وجوب الفحص الصحي الدوري للخادمة.
هذا فيما يخص إعداد الطعام، أما بالنسبة لأدوات الطبخ فيجب أن تخضع هي الأخرى لعملية تعقيم دوري ومستمر وأن تنبه الخادمة لهذه العملية، بالإضافة الى استخدام الخادمة لأغراض وأدوات منزلية خاصة بها.
ويضيف د. سامي: الخادمة المنزلية مثلها مثل عامل بالمطعم والفندق ومصانع الاغذية وكل الجهات التي تهتم بتجهيز وتقديم الاكلات سواء للفرد او المجموعة ويجب على جميع المخدومين من الكفلاء والجهات الرقابية والصحية ان تعاملها معاملة العمال المشرفين على إعداد الطعام، لذلك يجب أن تخضع لنفس الشروط الواجب توافرها في العاملين في مثل هذه الجهات، وأرى أنه من الضروري جدا التعامل مع الخادمة التي تمارس اعداد الطعام بشكل مغاير للخادمة التي تختص بأمور إدارة المنزل الأخرى، حيث أرى أنها يجب أن تحمل ترخيصاً صحياً يسمح لها بمزاولة مهنة الطبخ بشكل خاص.
وختم بتوجيه رسالة لكل ام او زوجة او ربة اسرة بمراجعة احتياجها الحقيقي للخادمة في إعداد الطعام وهل هي بحاجة فعلية للخادمة، فإذا لم تكن الحاجة ضرورية لها فلتكسب صحتها وصحة أسرتها لضمان السلامة والاستقرار.
ويشير محمد جلال الريايسة مدير ادارة الاتصال والمعلومات في جهاز أبو ظبي للرقابة الغذائية إلى أن عدم الإلمام بكيفية إعداد الطعام بالطرق الصحية السليمة من خلال التأكد من صلاحية المنتوج وعدم الرقابة الجدية من قبل ربات المنازل من الممكن أن يؤدي إلى حالات من التسمم الغذائي، فعدم طهي الطعام بصورة مناسبة واستخدام الأطعمة المعلبة بعد فتحها بمدة دون إغلاقها بشكل صحي من الأسباب المؤدية للتسمم الغذائي، ونحن بدورنا في جهاز أبو ظبي للرقابة الغذائية نحرص على توعية ربات البيوت وتثقيفهن لضمان صحة الأسر، حيث نقوم بحملات توعوية ودورات تدريبية ومحاضرات لربات المنازل، ونحاول الوصول إليهن من خلال كافة وسائل الإعلام كالنشرات والمجلات المتخصصة والبرامج التلفزيونية التي تلقى الإقبال لديهن وبدورها تخلق ثقافة صحية لدى ربات المنازل، ونقوم بتنظيم حملاتنا التوعوية بالتنسيق مع عدد من الجهات المختصة والتي تتمركز بها وتتواصل مع ربات البيوت بالشكل الأكبر كالمؤسسات النسوية والأسرية، ولا نكتفي كجهاز رقابي بنشر التوعية فقط وإنما نتابع الأمر من خلال بعض استبيانات الرأي التي نقوم بها بعد المحاضرات التوعوية.